ما الفرق بين التعاطف (Empathy) والشفقة (Sympathy)؟

على الرغم من استخدامهما بالتبادل في كثير من الأحيان، إلا أن هناك فروقًا جوهرية بينهما تؤدي إلى نتائج مختلفة تمامًا. تقول عالمة النفس الاجتماعي والمؤلفة الأكثر مبيعًا برينيه براون: “التعاطف يخلق التواصل، بينما الشفقة تخلق الانفصال.”
تعرّف أكثر على الفرق بين التعاطف والشفقة، واحصل على نصائح عملية لزيادة مستوى التعاطف لديك.

بقلم: مايكل ميلر

التعاطف مقابل الشفقة: ما الفرق؟

ما الفرق بين التعاطف (Empathy) والشفقة (Sympathy)؟ ببساطة، المسألة تتعلق بالعاطفة.
التعاطف يعني أن تعيش مشاعر شخص آخر وتختبرها. الكلمة مأخوذة من الألمانية Einfühlung وتعني “الإحساس بالآخر”. وهو يتطلب مكوّنًا عاطفيًا حقيقيًا يجعلك تشعر بما يشعر به الشخص الآخر.

أما الشفقة، فهي تعني فهم معاناة شخص آخر، وهي أكثر طبيعةً معرفية، وتحافظ على قدر من المسافة بينك وبينه.

هذا الفيديو الكرتوني الممتع من RSA Animate، المقتبس من حديث TED الشهير لبرينيه براون عن التعاطف، يوضح الفرق بشكل مثالي:

زيادة التعاطف بممارسة أجزائه الثلاثة

للتعاطف ثلاثة أجزاء، لها أسماء أكثر رسمية، لكن يمكن تبسيطها إلى: الأفكار، والمشاعر، والأفعال. ولتطبيق التعاطف الحقيقي، يجب أن تتكامل هذه الأجزاء الثلاثة:

التعاطف المعرفي او الادراكي (Cognitive empathy) – وهو الجزء الفكري. أن نتخيل أنفسنا في موقف معيّن، ونفكر كيف سيكون الأمر. لكن إذا استخدمنا هذا الجزء فقط دون الجزأين الآخرين من التعاطف، فإننا ننزلق نحو الشفقة.

التعاطف العاطفي (Emotive empathy) – وهو الجزء الشعوري. أن نقف جنبًا إلى جنب مع الشخص الآخر ونشعر بما يشعر به. ليس من موقع أعلى أو على مسافة، بل معه وفي قلب التجربة.

التعاطف السلوكي (Empathic action) – وهو أصعب جزء بالنسبة لي، ولدى كثيرين أيضًا. لأنه يعني في الحقيقة الجلوس بصمت، وعدم فعل أي شيء. كثير منا، وأنا منهم، يميل تلقائيًا إلى تقديم حل ما، أو منظور جديد، أو محاولة إلهاء – أي القيام بشيء ما.
تعرف المقولة الشائعة: “لا تقف مكتوف اليدين، افعل شيئًا”؟ زميلنا ديفيد تابلي يقول إن التعاطف هو العكس تمامًا: “لا تفعل شيئًا، فقط قف هناك.” قد يبدو الأمر مضحكًا، لكنه في الحقيقة يتطلب شجاعة وانفتاحًا كبيرين.

لكن الرغبة في “فعل شيء” غالبًا ما تكون نمطًا مترسخًا بعمق. لذلك، دعونا نلقي نظرة على بعض أكثر الفخاخ شيوعًا التي تعرقل محاولات الناس لممارسة التعاطف:

الفخاخ الشائعة في التعاطف

فخ “على الأقل”

تقول برينيه براون: “نادراً ما تبدأ الاستجابة التعاطفية بعبارة على الأقل.” شاهد هذا التفاعل على فيسبوك الذي صادفته مؤخرًا. لاحظ كيف أن تعليقًا كهذا يخلق انفصالًا بدلًا من التواصل. الشخص يقول: “أنا آسف”، وهي بداية جيدة، لكنه بعدها يقارن معاناته بمعاناة صديقه، وهنا تضيع فرصة التعاطف.

في هذا السياق، يبدو الرد غير منطقي، أليس كذلك؟ وهو كذلك فعلًا. لكن في الوقت نفسه، هذا أسلوب شائع جدًا في الرد على مشاكل الآخرين. من الصعب مقاومة محاولة إضافة جانب إيجابي أو قول “لكن” أو “على الأقل”. أعترف أنني وقعت في هذا الفخ بنفسي، وحجتي أنني “أساعدهم” على رؤية الجانب المشرق. ورغم أن لذلك مكانه أحيانًا، إلا أنه عندما يفتح الناس قلوبهم ويتحدثون عن مشكلة، يكون من الأكثر فعالية بكثير أن نجلس معهم في الظلام بدل محاولة إضاءته فورًا.

كيف سيكون الرد الأكثر تعاطفًا؟

التعليق: “أنا آسف جدًا. لقد حصلت على فاتورة كبيرة بسبب حصوة في الكلى قبل بضع سنوات، وأعرف تمامًا ذلك الشعور السيء. أفكر بك!”

مجرد فرق صغير، لكن هذا التعليق الآن يعزز التواصل. فهو يضع الطرفين في نفس الفريق، مع مشاعر مشتركة. بدل محاولة إصلاح الموقف عبر تقديم منظور مختلف، يكون الإصلاح في طمأنة الطرف الآخر أن مشاعره صادقة، وأنه ليس وحيدًا. وهذا بالضبط ما يميز التعاطف عن الشفقة.

فخ “الوعود التي لا يمكنك الوفاء بها”

شعرت عمتي ليندا بخوف شديد. هي متقاعدة نشيطة في أواخر الستينيات من عمرها. تمشي عدة أميال يوميًا، وتلتحق بدروس في الكلية المجتمعية، وتشارك في السياسة المحلية. قبل بضعة أشهر، انزلقت وسقطت، مما أدى إلى كسر في وركها استلزم عملية جراحية. أشهر عدم القدرة على الحركة أثّرت عليها نفسيًا، لكن الخوف من السقوط مرة أخرى كان الأثر الأكبر.

انفتحت أمام عدد من الأصدقاء وقالت: “أنا حقًا خائفة من السقوط مرة أخرى.” فما كان أحد أكثر الردود شيوعًا؟ “… لكنك حذرة جدًا.”
قد يكون القصد من هذا الرد هو التطمين، لكنه في الحقيقة يُبطل مشاعر الخوف التي تشعر بها، ويوحي بأن الحادث الأول وقع بسبب الإهمال.

الرد الأكثر تعاطفًا سيكون ببساطة الإيماء بالرأس وتكرار المشاعر التي سمعتها: “يبدو أنك حقًا خائفة من السقوط مرة أخرى.”
كما تقول برينيه براون: “نادراً ما يمكن لردّ ما أن يجعل الأمور أفضل، ما يجعل الأمور أفضل هو التواصل.” إنها دعوة جميلة لأن نجلس ببساطة مع مشاعر عدم الارتياح ومع المجهول. ومن الطبيعي أن نقول:
“يبدو أنك خائفة من السقوط مرة أخرى. لا أعرف ماذا أقول، لكنني موجودة من أجلك.”

التعاطف مقابل الشفقة: تجربة لتجربتها، وموارد لتعلّم المزيد

تمرين:
جرّب هذه التجربة التي سمعتها من جوش فريدمان، الرئيس التنفيذي لـ Six Seconds:
عندما يعبّر شخص ما عن مشاعره، وتريد أن تساعده على حل المشكلة… ماذا لو انتظرت قليلًا؟ استمع أكثر… وأكد له أن مشاعره حقيقية. تقبّل الأمر كما هو. وبعد كل ذلك فقط، اسأل: “هل ترغب في بعض الأفكار حول ما يمكن فعله؟ أم أنك تفضل التعامل مع الأمر بنفسك؟”

اجعل الذكاء العاطفي جزءًا من يومك من خلال الانضمام إلينا على وسائل التواصل الاجتماعي.