هل تريد إدارة مشاعرك بفاعلية أكبر؟ خصص وقتًا لكتابة مذكرات عن التجارب الصعبة
بقلم: مايكل ميلر

أظهرت أبحاث جديدة نُشرت من قبل الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن كتابة المذكرات اليومية لإعادة صياغة الأحداث غير السارة يمكن أن تقلل بشكل كبير من أعراض الاكتئاب، وتخفف من التوتر، وتزيد من الرضا عن الحياة. وبعد أسبوعين فقط من كتابة المذكرات يوميًا، لاحظ المشاركون هذه التحسينات في صحتهم النفسية، واستمرت هذه الآثار الإيجابية لمدة لا تقل عن شهر بعد انتهاء تمارين كتابة المذكرات. وهذا يشير بقوة إلى أن ممارسة إدارة المشاعر بفاعلية تترك أثرًا طويل الأمد على الرفاهية العاطفية.

الخلاصة الأساسية: إدارة المشاعر تحتاج إلى ممارسة
يقول عالم النفس التنظيمي الشهير والمؤلف الأكثر مبيعًا آدم جرانت، في إشارة إلى نتائج هذه الدراسة: “أفضل طريقة لتحسين مهارة إدارة المشاعر هي القيام بها أكثر وأكثر. فتنظيم العواطف يشبه أي مهارة أخرى: يحتاج إلى تدريب.”

كم من التدريب نحتاج؟ من الصعب تحديد ذلك بدقة. لكن هذه الدراسة توضح أنه لا يتطلب الكثير من الممارسة لرؤية فرق كبير. خطوات صغيرة وبسيطة نحو إدارة المشاعر يمكن أن تؤدي إلى تغييرات كبيرة في رفاهيتنا بشكل عام.

السير عكس التيار: كيف ندير مشاعرنا في حالة ركود عاطفي عالمي

أصبحت القدرة على إدارة المشاعر أكثر أهمية من أي وقت مضى — لكن للأسف، هي أيضًا مهارة تتراجع على مستوى العالم.

وفقًا لأكبر دراسة في العالم حول الذكاء العاطفي، تقرير حالة القلب الصادر عن Six Seconds، دخلنا في حالة ركود عاطفي عالمي، تتسم بارتفاع مستويات الإرهاق النفسي وانخفاض مستويات الرفاهية. وقد تراجعت درجات الذكاء العاطفي عالميًا لمدة أربع سنوات متتالية، كما انخفضت مهارة الملاحة في المشاعر وحدها بنسبة 5.67% عالميًا منذ عام 2019. يقول المؤلف المشارك في الدراسة والرئيس التنفيذي لـ Six Seconds، جوشوا فريدمان:
“بالمعدل العام، الناس أصبحوا أكثر تقلبًا وأقل قدرة على التنقل بين المشاعر.”

وفي سياق متصل، تتزايد التحديات المتعلقة بالصحة النفسية. إذ تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الاكتئاب هو السبب الرئيسي للإعاقة على مستوى العالم، حيث يؤثر على أكثر من 264 مليون شخص. أما اضطرابات القلق فهي شائعة بنفس القدر، إذ تؤثر على ما يقدر بـ 284 مليون شخص.

ورغم أن الأساليب التقليدية لدعم الصحة النفسية، مثل العلاج النفسي والأدوية، تظل أساسية، إلا أنها ليست متاحة أو ميسورة التكلفة للجميع دائمًا. وهنا تبرز إعادة التقييم العاطفي كاستراتيجية تكميلية منخفضة التكلفة وسهلة الوصول يمكن للأفراد دمجها في حياتهم اليومية.

من خلال الالتزام بممارسات يومية تعزز تنظيم المشاعر، يمكننا بناء المرونة النفسية، وتحسين رفاهيتنا، والتعامل مع تحديات عالمنا بمرونة أكبر وإيجابية أعلى.

كيف تدير مشاعرك بفعالية أكبر

يقدّم نموذج Six Seconds للذكاء العاطفي دليلًا عمليًا لإدارة المشاعر بفعالية أكبر، وهو نموذج مكوّن من ثلاث خطوات:

الخطوة الأولى: اعرف نفسك (Know Yourself)
وتتمحور حول رؤية واضحة لما تشعر به وما تفعله. فالمشاعر بيانات، وهذه الكفاءات تتيح لك جمع تلك المعلومات بدقة. والمهمة الأساسية هنا هي تقبّل مشاعرك كما هي ومحاولة الإصغاء لما تحاول أن تخبرك به. يقول فريدمان:
“أكبر عائق أمام ممارسة الذكاء العاطفي هو شيطنة مشاعرك الخاصة.”

الخطوة الثانية: اختر نفسك (Choose Yourself)
وهي تعني أن تفعل ما تنوي فعله حقًا. بدل أن تتصرف بـ “الطيار الآلي”، تمكّنك هذه الكفاءات من الاستجابة بشكل استباقي. يتعلق الأمر برؤية جميع الخيارات المتاحة والتنقل بين المشاعر بفعالية لاتخاذ القرارات المثلى. إن اتخاذ قرار مقصود بممارسة أنشطة كتابة المذكرات اليومية لمعالجة الأحداث الصعبة يقع بشكل أساسي في هذه الخطوة.

الخطوة الثالثة: امنح نفسك (Give Yourself)
وهي تتعلق بـ “السبب” — أي القيام بكل ذلك من أجل غاية محددة. تساعدك هذه الكفاءات على تحويل رؤيتك ورسالتك إلى أفعال، بحيث تقود حياتك عن قصد وبنزاهة كاملة.

ابدأ بخطوات صغيرة وابنِ مهاراتك العاطفية

تسلّط نتائج هذه الدراسة الأخيرة الضوء على القوة التحويلية لإعادة التقييم العاطفي في إدارة المشاعر وتحسين الصحة النفسية. وفي عصر يشهد ارتفاعًا في معدلات الاكتئاب والقلق، تمنحنا القدرة على إعادة صياغة التجارب السلبية شعاع أمل.

لمن يسعى لإحداث تغيير إيجابي في حياته، الرسالة واضحة: ابدأ صغيرًا، مارس بانتظام، وشاهد الفوائد وهي تتكشف أمامك.
رحلة الوصول إلى صحة عاطفية أفضل في متناول اليد، ويمكن أن تبدأ بالخطوة البسيطة المتمثلة في إعادة التقييم.

للتدريب على مهارة التنقل بين المشاعر وغيرها من مهارات الذكاء العاطفي، اطّلع على دوراتنا للحصول على شهادة في الذكاء العاطفي.

اجعل الذكاء العاطفي جزءًا من يومك من خلال الانضمام إلينا على وسائل التواصل الاجتماعي.